الخميس، 21 يونيو 2012

أسباب صعوبات التّعلّم




مقدمه
من المعلوم أنّ أسباب صعوبات التّعلّم ما زالت من الأمور الدّاعية للحيرة لدى أولياء الأمور والباحثين وذلك لعدم القدرة على التّيقّن من أسبابها ، فلم تصل الأبحاث في هذا المجال على اختلاف أشكالها التّربويّة منها والطبيّة ودراسات علم النّفس العصبي وغيرها إلى نتائج قاطعةٍ تحدد أسباب صعوبات التّعلّم بصورةٍ واضحةٍ يسهل معها وضع البرامج والخطط العلاجيّة الملائمة لطلبة صعوبات التّعلّم .

إنّ المتفحّص للمراحل التّاريخيّة التي مرّ بها مصطلح صعوبات التّعلّم وما رافقها من تعريفاتٍ لهذا المصطلح ليدرك تمام الإدراك تعدّد أسباب صعوبات التّعلّم وتنوعها بين الأسباب النّفسيّة، ودورها في الإدراك الحسّي، والذّاكرة ، والإهمال التّربويّ، والأسباب العصبيّة والعوامل الأسريّة والعوامل الوراثيّة والمرضيّة كالحساسيّة والتهابات الأذن الوسطى وغيرها كما أشارت الأسباب إلى الأسباب السّلوكيّة من مثل الاندفاعيّة وفرط النّشاط فما زالت الدّراسات في هذا المجال منصبةً نحو تفسير الأسباب الظّاهرة لصعوبات التّعلّم فالحقل الطّبيّ لم يسفر في هذا المجال لغاية الآن عن نتائج سببيّةٍ قاطعةٍ وانحصار الدّور الطّبي لغاية الآن في الوقاية فقط .

إنّ هذا التّنوّع والتّعدّد الواسع لهذه الأسباب لم يلغ ِ لغاية الآن ذلك السؤال البديهي المطروح دائماً في هذا المجال ، ما هي أسباب صعوبات التّعلّم عند العديد من الأطفال ؟

فما هو معروفٌ عن أسبابه حاليا - والقليل نسبياً- لم يعطِ التفسير الكامل الوافي له ، فصعوبة التّعلّم في إطارها المفهومي محيرةٌ إلى حدٍ ما وذلك لعدم التّيقن من أسبابها لأن مجال البحث فيها لم يصل بعد إلى ذلك المستوى المتطوّر الذي تكون معه أسباب صعوبات التّعلّم معروفةً وواضحةً تماماً .

إنّ التّعلّم السّوي يتطلّب من الطّفل استعداداً للمدرسة يتمثّل في النّضج المعرفي الكافي للتّعامل مع المنهاج المدرسي والتّحرر العاطفي من الاعتماد على الوالدين تمكّنه من التّفاعل مع المدرسة والرفاق بعيداً عن الأهل مع القدرة على السيطرة على المشاعر والاندفاعيّة وردة الفعل لدى الطّفل وخاصة فيما يتعلق بمتطلبات المدرسة فإذا تحقّقت هذه المتطلبات السابقة يعتبر عندها الطّفل جاهزاً للتّعلّم والالتحاق بالمدرسة والتي يمكن أن تتحقّق بين سن خمس إلى ست سنوات في حين إذا اختلّت هذه الجوانب فإن الطّفل سيعاني من مشكلاتٍ متنوعةٍ من بينها صعوبات التّعلّم وكما ورد في تعريفات صعوبات التّعلّم فإنّ السبب الرئيس للصّعوبة التّعلميّة يعود لقصورٍ وظيفي في الجهاز العصبي المركزي إلا أنّ البحث في هذا المجال أضاف عددأ من العوامل التي تصاحب أو تترافق مع الصّعوبة التّعلميّة نلخّصها بما يلي : 
أولاً :العوامل الفيزيولوجية:-

يبرز دور العوامل الفيزيولوجية في صعوبات التّعلّم من خلال أثر عدّة عوامل تساهم مجتمعةً أو منفردةً في إبراز صعوبات التّعلّم والتي تبرز على صورة عوامل جينيّةٍ أو عوامل الولادة أو سلامة وظائف الدماغ وغيرها وفي ما يلي عرضاً موجزاً لها: 

-  العامل الجيني 

أوضحت نتائج الدّراسات التي قام بها ديكر وزميله ديفرز (Decker & Defries, 1980) على عددٍ من عائلات كولورادو والتي بحثت القراءة حيث أعطيت اختبارات القراءة والاختبارات المعرفيّة والتي طبّقت على (125 ) مئة وخمسة وعشرين طفلاٍ من ذوي صعوبات التّعلّم وأسرهم وبعد إجراء مقارنة أداءهم بأداء المجموعة الضابطة تبيّن وجود إختلافٍ في الأداء لدى الطّلبة الذين لديهم خللٌ في القراءة بصورةٍ واضحةٍ عن أداء أطفال المجموعات الضّابطة مع وجود اختلافٍ واضح ٍ في أداء والديهم عن أداء والدي المجموعة الضابطة . 

كما ظهر وبصورةٍ مشابهةٍ كدليلٍ على السّبب الجيني في الصّعوبات التّعلّميّة ما بينته الدّراسات التي أجريت على التوائم حيث أشارت إلى أنّ كلا الطّفلين التوأمين لديهم خللٌ في القراءة مما يثبت دور العوامل الجينيّة في صعوبات التّعلّم (Hermann, 1959 ) . 

كما أفادت نتائج بعض الدّراسات التي أجريت على التّوائم وجود اشتراكٍ فيما بينهم على نحوٍ أكثر ارتباطاً مما كان لدى غيرهم من التّوائم غير المتماثلة جينيّاً في صعوباتٍ سلوكيةٍ وصعوباتٍ في التّطور . 

وعلى الرّغم من تأكيد العديد من الدّراسات التي أجريت في هذا المجال والتي أكّدت بمجملها وجود ارتباطٍ بين صعوبات التّعلّم والعوامل الجينيّة الموروثة إلا أنّه ومع ذلك كلّه فلم تعرف الطّريقة التي يمكن من خلالها انتقال هذا العامل الجيني إلى الأطفال من خلال أسرهم . 

إنّ اندماج جينين متماثلين من الأم والأب لسمةٍ معيّنةٍ هذا يعني من النّاحية الجينيّة تأكد وجود السّمة بصورةٍ واضحةٍ لدى المولود في حين عندما تختلف الجينات فسوف تكون السيادة الجينيّة لأحد هذين الجينين الذي يقرّر بدوره السّمة السائدة لدى المولود أما الجين الآخر فيكون متنحياً ومع ذلك فقد وصفت صعوبة التّعلّم بأكثر من وصفٍ فمنهم من قال بأنها سمةٌ متنحيةٌ وليست سائدةً كما وصفت بأنها وراثيّةٌ متعدّدة الجينات أو أنها سمةٌ سائدةٌ متأثرةٌ بالجنس في حين أنّ انتقال الدسلكسيا والصور الأخرى من صعوبات التّعلّم تبدو مختلفةً فالأشكال المتعدّدة من الدسلكسيا مرتبطةٌ بالنماذج الوراثيّة ذات الجين السائد والنّماذج متعدّدة الجينات في حين فإن الحالات الأكثر شدّةً فتبدو أنها ناتجةٌ عن عاملٍ جينيٍّ متنحّ ٍ على الرّغم من أنّ الأطفال الذين لديهم صعوباتٌ في التّعلّم هم من الذّكور فلا يوجد ما يدل على أنّها من العوامل الموروثة المرتبطة بالجنس .

كما يوجد بعض الارتباطات المعيّنة لصعوبات التّعلّم ذات الارتباط بالعيوب الجينيّة غير الوراثيّة سببها اختلال الصّبغ الجينيّ والتي لا تنتقل عبر الأسر فعند مقارنة أداء الأطفال ذوي الخلل الصّبغيّ بالأطفال العاديين لوحظ وجود صعوباتٍ تعلميّة اشد عند الأطفال ذوي الخلل الصّبغيّ عنها عند الأطفال العاديين . 

ونظراً لصعوبة تحديد دور العوامل الجينيّة بصعوبات التّعلّم أحياناً وعلى الرغم من كل المؤشرات التي قدّمتها الدراسات الجينيّة حول دور العوامل الجينيّة في صعوبات التّعلّم إلا أنّها لا تدلّ وحدها على قابليّة الصّعوبات التّعلّميّة لأن تكون موروثةً فهناك عوامل أخرى قد تكون راجعةً إليها ( الوقفي ، (1996 

- عوامل الولادة وما قبلها وما بعدها وتاريخ الميلاد.

إنّ التّعلّم السّوي يتطلّب نموّاً سليماً ونضجاً كافياً يتحقّق معه ذلك، لذلك فإنّ أيّ خللٍ أو اضطرابٍ في جوانب النًمو لدى الأطفال ينعكس سلباً على التّعلّم لديهم في المستقبل ويشمل نمو الطّفل مراحله العمريّة المختلفة والتي تبدأ من فترات الحمل الأولى للجنين فقد تساهم العوامل المؤثّرة على نمو الطّفل في فترات الحمل من سوء تغذية ألام أو تعرّضها للأمراض مثل السّكري وأمراض الكلى واختلال عمل الغدد الصّماء أو النّزف أو تسمّم الدّم أو تعرّض الأم الحامل للحوادث أو الأشعة أو عمر الأم عند الحمل فلقد أشارت بعض الدّراسات حول ذلك الأمر إلى احتماليّة أن تكون عوامل ما قبل الولادة سبباً من أسباب صعوبات التّعلّم عند الأطفال ومن بين الدّراسات التي أوضحت ذلك تلك الدّراسة التي قام بها نيسفاندر وزميله جوردن (Niswander & Gordon 1972) والتي أظهرت وجود مشكلات عصبيّة في عيّنة الدّراسة. 

وكما هو الحال في فترات الحمل فلا تقلّ مرحلة الولادة أهميّةً عن غيرها من أسباب صعوبات التّعلّم لدى الأطفال فقد يتسبب ضرب الرّأس أثناء الولادة والتي قد تنجم عن استخدام آلات الشّفط عند تأخّر الولادة أو نقص الأكسجين نظراً لتأخّر الولادة أو الولادة القيصريّة وغيرها من أثرٍ على الجهاز العصبي المركزي عند الطّفل والذي تبدو آثاره فيما بعد على صورة صعوبة ٍ في التّعلّم نظراً لتأثر الخلايا السّطحيّة للدماغ والتي تؤثر على بعض وظائفه مما يسبب صعوبة تعلمية . 

ولا تقلّ العوامل التي يتعرّض لها الطّفل ما بعد الولادة من سوء التّغذية أو التّعرض للأمراض وارتفاع درجات الحرارة مكانة عن غيرها فهي الأخرى قد تلحق الأذى في النّمو العصبي لدى الطّفل وتكون سبباً من أسباب صعوبات التّعلّم . 

ويأخذ تاريخ الميلاد دوره الآخر في أسباب صعوبات التّعلّم فالأطفال الذين يدخلون المدرسة في عمرٍ مبكّرٍ يكون تحصيلهم الأكاديمي أقل من غيرهم من الأطفال الذين يلتحقون بالمدرسة في عمرٍ أكبر مما يدعم دور النّمو السّوي والنّضج في المساهمة في التّعلّم السّوي فالأطفال الذين يولدون في عام ٍ واحد ٍ ويقبلون في نفس العام المدرسي ليسوا في مستوى نضج ٍ ونموٍّ واحد ٍ فمن يولد في بداية العام في شهر كانون الثاني يكون أكبر عمراً ممن يولد في نهاية العام نفسه في شهر كانون الأول بأحد عشر شهراً فيكون استعداده النّضجي أفضل ممن يولد في نهاية العام نفسه ولذلك يكون الأطفال الذين يولدون في نهاية العام أكثر عرضةً لصعوبات التّعلّم نظراً لفرق النّضج بينهم وبين أقرانهم الذين ولدوا في بداية العام فهم أكبر منهم عمراً لذلك هم أكثر منهم نضجاً وقابليّةً للتعلم . وأن مما يدعم هذا التوجه ما لاحظته بعض الدّراسات من أن نسبة ً عاليةً من الأطفال المبدعين تكون بين الأطفال الذين يدخلون المدرسة في عمر ٍا أكبر .
-  العوامل المتعلّقة بالدّماغ .

نظراً لكون الدّماغ أساس عمليات التّعلّم والتّحكم والسّيطرة على الجسم والهيمنة المطلقة على كلّ وظائف الجسم والتي من بينها التّعلّم احتلّ الدّماغ مركزاً مهماً في الدّراسات التي حاولت تفسير صعوبات التّعلّم والتي دارت حول التّلف الدّماغي ومعالجة المعلومات البصريّة والمعالجات الصّوتية والجانبيّة الدّماغية والذّاكرة والتّمثيل الغذائي . 

فلقد بنيت فكرة التّلف الدّماغي كسببٍ من أسباب صعوبات التّعلّم نظراً لما لاحظته الدّراسات التي أجريت على مرضى أصيبوا بتلف ٍ في الدّماغ وما سبّبه هذا التّلف لديهم من مشكلات ٍ مثل صعوبات القراءة المكتسبة  Alexia )  حيث أظهرت الصّور الشّعاعيّة التّشخيصيّة وجود تلفٍ في خلايا الدّماغ المسؤولة عن عمليّات القراءة وقد تمّت مقارنة حالات أطفال لديهم صعوبات القراءة فوجد بينهم تشابه في ذلك مما أعطى مؤشراً على ردّ صعوبات التّعلّم إلى تلف ٍ في الدّماغ وإن كان التلف غير متشابهٍ بين الكبار والصّغار إلا أنّ التّلف الدّماغي يمكن أن يعطي تفسيراً على الأقل لبعض حالات صعوبات القراءة فالتّلف الدّماغي يحدث خللاً في الوظائف الأساسيّة لتركيبٍ معيّن ٍ من الدّماغ بغضّ النّظر عن كون هذا التّلف ناتجٌ عن أسبابٍ مباشرةٍ كنقص الأكسجين أو ناتجٌ عن التهابات الدّماغ أو ارتفاع درجة حرارة الجسم ..... أو كان هذا التّلف ناتجٌ عن أسبابٍ غير مباشرة ٍمثل الخلل الكيميائي في إفراز النّواقل العصبيّة فنقص هذه النّواقل يفقد الدّماغ بعض قدراته. 

وعلى الرّغم من كلّ ذلك في محاولة تفسير صعوبات التّعلّم على أسس ٍ وظيفيّةٍ ناتجةٌ عن تلف ٍ في الدّماغ إلا أنّ هذا التّفسير يواجه عدداً من الإعتراضات والتي نصّت على أنّ المقارنات العصبيّة بين ذوي صعوبات التّعلّم والعاديين لا تشير إلى وجود اختلافاتٍ رئيسة وإن يكن هناك بعض الملامح العصبيّة المميّزة بين مجموعات ذوي صعوبات التّعلّم كما لم تبين نتائج الدّراسات حول تخطيط الدّماغ الكهربائي وفرق الجهد المثار باستمرار وجود مظاهر مميّزة للأشخاص ذوي صعوبات التّعلّم فقد وجد اختلالاتٌ في تخطيط الدّماغ على جميع المستويات وبرزت لدى جميع الأشكال في الدّراسات المختلفة وعلى الرّغم مما توصلت إليه الدراسات وعدم توفقها في إظهار التّلف الدّماغي عند الكثيرين من أطفال صعوبات التّعلّم فهذا بدوره لا يلغي عدم وجود التّلف الدّماغي لديهم فلربما يمكن إظهار نتائج أكثر دقّةً ومختلفةً لو استخدمت وسائل كشفٍ أكثر دقّة ً وتطوراً.

أما في مجال معالجة الدّماغ للمعلومات البصريّة فقد رأى بعض الدارسين أنّ وجود خللٍ في عمليات المعالجة الدّماغية للمعلومات المنقولة عن طريق البصر في مركز معالجة المعلومات البصريّة في الدّماغ عند عدد ٍ من الأطفال ذوي صعوبات التّعلّم وعلى وجه الخصوص أولئك الأطفال الذين يواجهون صعوبات في القراءة التّطوّريّة والتي ترد عادة ً إلى إضطرابات ٍ في بعض مكونات الجهاز البصري والذي يتكون في العادة من جزأين رئيسين هما الجهاز الخلوي الكبير ( صاحب الخلايا الكبيرة ) (magnocellular system) أمّا الجزء الثاني فهو الجهاز الخلوي الصّغير ( صاحب الخلايا الصغيرة ) parvocelluar system) ) واللذان يقعان في نواة الرّكبة الجانبيّة الظهريّة للمهاد واللذان يعملان على نقل المعلومات من الشبكيّة إلى منطقة الإبصار في القشرة الدماغيّة ويقوم الجهاز الخلوي الكبير والذي يتكون من طبقتين من الخلايا الكبيرة بنقل وإرسال الصّور المتعلّقة بالحركة والعمق والفروق الصّغيرة أو التّباين بين الأشياء أما الجهاز الخلوي الصّغير والذي يتكون من أربع طبقاتٍ خارجية فيتولى عمليّة نقل وإرسال المعلومات الخاصّة بالألوان والتّفاصيل الدّقيقة حيث تبين ومن خلال عمليات التّشخيص وجود عدم انتظام في الجهاز الخلوي الكبير عند الأطفال ذوي صعوبات القراءة التّطوّريّة وأنّ حجم خلاياه اصغر بحوالي 27% من الحجم الطّبيعي مع الإختلاف في الأشكال والحجم في حين كان الجهاز الخلوي الصّغير ضعيفاً ( Galaburda & livingstone , 1993 ) . 

ولكي ندرك الدّور الذي تقوم به عمليّات معالجة المعلومات في عمليّات التّعلّم أو القراءة فلا بدّ من معرفة الدّور الذي يقوم به كل من الجهاز الخلوي الكبير والجهاز الخلوي الصّغير في عمليات معالجة المعلومات الواردة عن طريق البصر فكما هو معلوم فليست العين إلا أداةٌ ناقلة ميكانكيّة للصور والمشاهدات التي تقع في مجال البصر ( الرؤية ) في حين يبقى الدور التّفسيري لهذه المشاهدات للدّماغ الذي يعمل بدوره على تفسير المدخلات الحسّيّة وإعطائها التفسير الصحيح . ومن هنا ندرك وظيفة كلٌّ من الجهازين الخلويين الصّغير والكبير في عمليات القراءة حيث يعمل الجهاز الخلوي الكبير عندما تكون العين في حالة رمشة العين أو عند القيام بالحركات التّتبّعيّة للعين ((saccadic في حين يعمل الجهاز الخلوي الصّغير عندما تكون العين في حالة تثبيت كما يحدث في حالة تمييز أو تحديد الرموز المكتوبة . ونظراً لقيام الفرد بعددٍ من حركات التثبيت أثناء القراءة والتي في العادة تكون مفصولةً بحركات رمشيّة من العين ومن المفترض أنّ الجهاز ذا الخلايا الكبيرة يقوم بعملية كفّ أو منع الجهاز ذا الخلايا الصغيرة مع كلّ حركة رمش تقوم بها العين وذلك للتأكد من أنّ الصّورة التي تكوّنت لدى العين قد إنتهت فلا يحدث أي تداخل بين الصّور ( images ) التي تتم مشاهدتها غير أنّ الذي يحدث لدى الأطفال ذوي صعوبات القراءة فشل الجهاز الخلوي الكبير بعمليّة الكفّ المناسبة للجهاز ذي الخلايا الصّغيرة مما يجعل مدّة وجود الصّورة أطول بسبب عدم حدوث حركات الرمش مما يؤثر على عمليّات القراءة بسبب بقاء الصّورة المنطبعة لفترة ٍ أطول من المعتاد الأمر الذي يسبب بقاء الصّورة السّابقة أثناء عملية التّثبيت التّابع لعملية الرمش ونظراً لذلك تبرز صعوبات القراءة لدى الأطفال ( skotun & parker, 1999 ) .
أما فيما يتعلّق في مجال المعالجات الصّوتية phonological processing) ) والتي هي الأخرى لا تقل أهميةً عن المعالجات البصريّة فهي كذلك إحدى قنوات التّعلّم الأساسية وخاصةً فيما يتعلّق بأصوات الحروف والمقاطع وربطها معاً ولكي تنجح عملية المعالجة لابد من الوعي على الأصوات حيث يشير مصطلح معالجة الأصوات الكلاميّة إلى استخدام وتوظيف الأسس والقواعد التي تكفل تحويل الحروف المكتوبة إلى ما يقابلها صوتيّاً ( الأصوات اللغوية والكلاميّة (speech-sound)) والتي يمكن أن تتحقّق إذا توافر للطفل المستوى الكافي من الوعي بالأصوات الكلاميّة مع القدرة على التّمييز بين الأصوات المفردة والأصوات المركبة التي تشكل الكلمات وفي العادة فإنّ الأطفال العاديين هم قادرون على التّعرف إلى أصوات الحروف والمقاطع وتخزينها واسترجاعها فتسهل عليهم مهمة التّعرف إلى الحروف والكلمات وأصواتها وربطها معاً لتكوّن كلمةً ذات معنى مفيدٍ بينما ما يحدث لدى الأطفال ذوي صعوبات القراءة التّطوّريّة عجزهم عن تحويل الحروف إلى أصواتها التي تقابلها (صوت الكلمة ) فهم غير قادرين على فكّ أو تحليل رموز الكلمة ( ( word decoding فهم عاجزون عن تحويل التّمثيل العقلي للحروف المكوّنة للكلمة ففي العادة عند سماع الحروف والكلمات يتمّ ترميزها encoding ) ثم تحويلها إلى تمثيلاتٍ عقليّةٍ فعند نطق الكلمة (قراءتها ) فإنّنا نقوم أولاً بعمليّة فكّ رموزها أي تحليلها ثمّ التّعرف إلى تمثيلاتها العقلية لتعطي بعدها نطقاً صوتيّاً لها .

إنّ العجز الذي يواجهه الأطفال في التّعرّف إلى الحروف والكلمات وتمثيلاتها العقليّة هو الذي يجعل القراءة لدى طلبة صعوبات القراءة بطيئةً وغير آليةٍ والذي يبرز بصورةٍ أكبر عند مواجهة كلماتٍ جديدةٍ غير مألوفةٍ بالنسبة لهم ( skotun & parker, 1999 ) .

وفيما يتعلّق بالسيادة المخّيّة أو الجانبيّة لأحد نصفي الدّماغ فما زال يدور حولها الشّكوك حيث يعتقد بعدم وجود علاقة بين الأعسريّة أو السيادة المخّيّة وصعوبات التّعلّم نظراً لوجود عددٍ ليس بالقليل ممن لديهم سيادةٌ جانبيةٌ لكنهم لا يعانون من صعوبات ٍ في التّعلّم إلا أنّه ومع ذلك كلّه فقد رأى البعض من أمثال أورتون  Orton,1928) أنّ وظائف اللغة التي يقوم بها الجانب الأيسر من نصف الكرة المخّيّة لا تعمل بشكلٍ سويٍّ بسبب النّقص الذي يعانيه هذا الجانب عند الأطفال ذوي صعوبات التّعلّم حيث تخفق الهيمنة الجانبية لنصف الدّماغ الأيسر في إخماد الصّور المناظرة في نصف الكرة الأيمن على الرغم من أنّ هذا المفهوم والتوجه لم يقم عليه دليلٌ قاطع ٌ حتى الآن وعلى العموم فقد أشارت نتائج الدّراسات العصبيّة المرضيّة والتي تم فحصها بعد الموت لشخصين كانا يعانيان من مشكلاتٍ في القراءة موثّقةٌ جيّداً وجود بعض الشّذوذات التّشريحيّة العصبيّة المثيرة للفضول في مناطق الدماغ والتي استنتج من خلالها غلابوردا( Gallaborda, 1986 ) أنّ هذه الشّذوذات تؤثر على نصف الكرة المخّيّة الأيسر أكثر مما تؤثر على النصف الأيمن وأن هذه الآثار ربما حدثت قبل الولادة .

وعليه فإنّ ما يمكن قوله فيما يتعلّق بموضوع الجانبية التي يقصد بها تمركز أحد الوظائف في جانبٍ معين من الدّماغ أنّ الدّراسات تكاد تكون غير كافيةٍ أو غير متّفقةٍ في نتائجها فنتائج الدّراسات تشير إلى أنّ الأشخاص الذين يستعملون اليد اليسرى حيث تكون جانبيّة اللغة لديهم غير محددةٍ أو تكون في الجهة اليمنى لا يعانون من خللٍ في العمليّات المعرفيّة إضافة إلى ما أشارت إليه بعض الدّراسات من عدم وجود علاقةٍ بين استعمال اليد اليسرى وصعوبات التّعلّم ( Skotun& parker, 1999 ).وليست الذّاكرة أقلّ أهمّيةً من غيرها فالقراءة عمليةٌ معقّدة ٌ تستدعي القيام بعملياتٍ متسلسلةٍ ومتداخلةٍ تشمل التّعرّف إلى الحروف وتحديد أصواتها بالإضافة إلى التهجئة والذّاكرة العاملة ( working memory ) مع القدرة على تحديد معنى المفردات سواءٌ أكانت هذه المفردات منفردة ًأم كانت ضمن سياقٍ ٍ لغويٍّ .

إنّ الذّاكرة التي تمتاز بالقدرة على تخزين المدركات الحسّيّة واسترجاعها تتألف من أقسام ٍ ثلاثة ٍ هي : 

-  وحدة استقبال المعلومات وتصنيفها . 

- وحدة تخزين وحفظ المعلومات والاحتفاظ بها. 

- وحدة استرجاع المعلومات واستدعائها عند الحاجة إليها . 

و تمكّن هذه الأقسام الفرد من حفظ المعلومات واسترجاعها بصورةٍ طبيعيّةٍ في حين أنّ الطّلاب الذين يواجهون صعوباتٍ في التّعلّم ناتجةٌ عن صعوبةٍ في تذكّر الأشياء يواجهون صعوبةً في امتلاك قدرات الذّاكرة الطّبيعيّة التي تسهّل عملية التّعلّم فقد لوحظ أنّ أداء طلاب صعوبات التّعلّم يكون ضعيفا في أغلب المواقف التي تتطلب منهم تذكّر الكلمات والحقائق والأرقام والتي عادةً ما تتأثر بشدّة الانتباه والاهتمام بالموضوع لدى الفرد  . 

ولقد رأى بادلي ( Baddeley ) أنّ للذّاكرة ثلاث مكوّنات هي : 

-  التنفيذ المركزي (Control executive ) وهو الجهاز الذي يتحكّم بعمليّات الانتباه ويعمل على ضبطها مع القيام بالإشراف والتنسيق بين ما يتم تنفيذه . 

-  العروة الصّوتيّة ( articulacy phonological loop ) وهي عبارة عن مخازن تتعلّق بالكلام ولها دور مهم ٌ في اكتساب المفردات والتهجئة . 

- المخطّط المكانيّ البصريّ (visual-spatial ) ويرتبط بعمليّات تكامل الانطباعات أو الصّور البصريّة والمكانيّة (Baddeley, 1998 ) .
ثانياً: العوامل النفسية 

تلعب العوامل النفسيّة الأساسية المتمثّلة في الإدراك الحسّي والتّذكّر والصّياغة المفاهيميّة دوراً مهماً في التّعلّم فلقد أظهر الأطفال الذين يعانون من صعوباتٍ في التّعلّم اضطراباتٍ في هذه الوظائف الأساسيّة فوجد من بين هؤلاء الأطفال من لا يستطيع فهم الإتّجاه أو لا يستطيع تذكر ما تعلمه حديثا أو أنه غير قادرٍ على تنظيم فكرة ٍهامةٍ أو كتابة جملٍ مناسبةٍ وتلعب اللغة دوراً مهماً في عمليّات التّفكير ولذا فقد قامت افتراضات تربويّة تشخيصيّة على هذا الأساس مفادها أنّ الصعوبات النّفسيّة سببٌ من أسباب اضطرابات التّعلّم أو أنّها على الأقل تسهم فيها . 

وإذا كان لمشكلة معالجة المعلومات دورها في الإسهام في صعوبات التّعلّم فمن الممكن كذلك أن يترك الاضطراب في فهم المعلومات وتنسيقها والتّعبير عنها أثراً واضحاً على قدرة الطّفل على التّعلّم والتّحدّث والقراءة والتي قد تعود إلى عدم معالجة المعلومات السّمعيّة والبصريّة والحّسيّة بطريقةٍ مناسبةٍ أو أنّها لا تعالج بطريقةٍ متكاملةٍالوقفي .

ولقد طرحت تفسيراتٌ عديدةٌ ومتنوّعةٌ من وجهة نظرٍ نفسيٍّ حاولت تفسير أسباب صعوبات التّعلّم من بينها دور اللغة واستخدامها في التّفكير والتّعلّم كأداة فاعلة في هذا الجانب فالأطفال ذوو صعوبات التّعلّم قد يعانون من صعوبات في القراءة لأنّ لديهم مشكلاتٍ في استرجاع الكلمات أو تسميتها مما يمنع الانتباه الكافي إلى معنى المادة المقروءة إضافةً إلى التّغير النّفسي الآخر والذي مفاده أنّ الأطفال ذوي صعوبات التّعلّم هم بطبعهم كسولون ولا يستخدمون الاستراتجيات الكفؤة الملائمة والتي قد تعود إلى نقص إرادتهم للتعلم ووضع الخطط الملائمة لذلك . 

ومن التّغيرات النّفسيّة في هذا المجال نموذج الطّالب المعرفيّ فقدرة الطّالب على الاستقلال بدلاً من الاعتماد على الغير وإنعام النظر والقدرة على التّصنيف وتكوين المفاهيم والقدرة على التّعامل مع التّعقيد المعرفي مقابل البساطة والتريث مقابل الاندفاعية والقدرة على ضبط الذّات البناء وغيرها فلقد لوحظ على كثيرٍ من الأطفال ذوي صعوبات التّعلّم الإندفاعيّة وعدم كبح الحركات غير المرغوبة إضافة إلى القابليّة للتّشتت وعدم الانتباه فعلى هذا الأساس قد لا تكون صعوبات التّعلّم عائدةً إلى نقص القدرة أو المعرفة لكنها قد تكون عائدةً إلى نزعةٍ معرفيّةٍ اندفاعيّة في أداء المهام والواجبات والمرتبط في العادة بالنّشاط الزّائد مما يسبب قصر فترة الانتباه وضعف التّركيز وسرعة الانفعال والذي قد يعود بدوره الآخر إلى خللٍ عصبيٍّ (الوقفي، (1996
 خامساً :العوامل التّربويّة 

يتطلب النّجاح المدرسي في العمليات التّربويّة داخل الغرفة الصّفيّة تفاعل أطراف العمليّة التّعليميّة من الطّلاب والبيئة الصّفيّة والمعلمون وطرق التّدريس المستخدمة من قبل المعلّم والوسائل التّعليميّة المساندة المتوفرة في غرفة الصّف فيعتمد نجاح الأطفال بصورةٍ عامةٍ وأطفال صعوبات التّعلّم بصورةٍ خاصّةٍ على مقدار الانسجام والّتفاعل بين هذه الأطراف عموماً فكلما ازداد تفاعل الطّالب مع أطراف العمليّة التّربويّة بصورةٍ ايجابيّةٍ ازداد تعلّمه في حين إذا انخفض تفاعله في البيئة التّعليميّة بصورةٍ سلبيّةٍ انخفض مستوى تعلمه ، ومن هنا فلا يمكن اعتبار الأطفال الذين لم يتمكنوا من التّعلّم لعدم تيسّر سبل التّعليم أو لأنّهم علّموا بطريقةٍ سيّئةٍ أطفالاً ذوي صعوبات تعلّمٍ فعند تعريف صعوبات التّعلّم أخذ بالحسبان أنّ الأطفال ذوي صعوبات التّعلّم غير قادرين على التّعلّم أسوةً برفاقهم على الرغم من توفّر كل الضروف الملائمة لتعلمهم ، إلا أنّه وعلى الرغم من ذلك التّوجّه فيمكن اعتبار التّعليم غير الكافي وغير الملائم عاملاً من عوامل صعوبات التّعلّم. فالمعلم الذي لا يمتلك المهارات الضّروريّة اللازمة لتعليم الموضوعات المدرسيّة أو الذي لم تنشأ لديه الكفاءة في المهارات الأساسيّة أو المعلّم الذي يسمح لنفسه أن يسحب توقعاته عن المتعلمين فيصدر حكماً مسبقاً بعدم قدرتهم على التّعلّم ( الفشل في التّعلّم ) والتي قد لا تكون مستندةً إلى معرفةٍ علميّةٍ دقيقةٍ أو إصدار أحكامه بحقّ الطّالب اعتماداً على خلفيته المسبقة عن تاريخ الأسرة التّربوي أو استناداً إلى معلوماتٍ مستمدّةٍ من مصادر غير رسميّةٍ ( نسبة الذكاء والتّاريخ الطّبي وتعليقات المعلمين السابقين ... ) قد تكون سبباً من أسباب صعوبات التّعلّم عند بعض الأطفال . 

ويمتاز التّعلّم بأنّه تراكميّ يبنى فيه التّعلّم اللاحق على التّعلّم السّابق فعدم امتلاك الطّفل للمهارات الضّروريّة الكافية اللازمة لتحقيق متطلبٍ سابقٍ لمستوى التّعلم كي يتمكن من تعلّم المهارات والمفاهيم الجديدة قد تكون سبباً من أسباب صعوبات التّعلّم والذي قد يعود إلى عدم كفاية التأكيد في التّعلم أو قلة الوقت المقضي في تعلّم مثل هذه المهارات الفرعيّة التي يبنى عليها التّعلم اللاحق أو قد تعود إلى نقص الأنشطة الحافزة للتّعلم أو الممارسات التّعليميّة غير الملائمة . 

إنّ حاجة الأطفال ذوي صعوبات التّعلّم إلى التّقويم المتواصل الذي يقيس تقدّمه ونجاحه المهني وحاجاته إلى تكيف التّعليم وتدريبات تلائمه والذي يحقق له دوام التّعلم مدى الحياة وحاجتهم أحيانا إلى التّعليم الموسّع كي يستطيع تحقيق التّعلم أو حاجة هؤلاء الطّلاب إلى مهاراتٍ وطرقٍ وأساليب مختلفةٍ عما يحتاجه غيرهم من الأطفال العاديين مع التأكيد على هذه الحاجات من وقت إلى آخر أو حاجتهم إلى مواد وطرق تعليميّة تتلاءم مع اضطرابا تهم المحدّدة والخاصّة بكل واحد منهم ففهم المعلومات وغيرها من المؤثرات التي يحتاجها طلاب صعوبات التّعلّم غير متوفرةٍ في المناهج التّربويّة أو غير مفهومةٍ لدى معلميهم بصورةٍ صحيحةٍ مما يجعلها سبباً من أسباب صعوبات التّعلّم فهؤلاء الأطفال يحتاجون إلى تكييفاتٍ خاصّةٍ بهم في المنهاج والأساليب والطّرق والمواد التّعليميّة المستخدمة معهم إضافة إلى الزمن الكافي والتأكيد المتواصل الذي يكفل لهم النّجاح في العمليّة التّعليميّة ( الوقفي ،1996).
ومما يخلص إليه القول في هذا المجال من حيث أسباب صعوبات التّعلّم القول أنّ صعوبات التّعلّم مصطلحٌ عامٌ وشاملٌ يرجع إلى مجموعةٍ متباينةٍ من الإضطرابات والتي تبدو على صورة صعوبةٍ في اكتساب واستخدام مهارات الاستماع أو الكلام أو القراءة أو الكتابة أو الحساب والتي يفترض عودتها إلى خللٍ في الجهاز العصبي المركزي وعلى الرغم من توفر كل الظروف التّربويّة الملائمة لعمليات التّعلّم إلا أنّ أسبابه ما زالت غير معلومةٍ تماماً فقد ترجع إلى عوامل فيزيولوجيّة أو نفسيّةٍ أو كيميائيّةٍ عضويّةٍ أو بيئيّةٍ أو تربويّةٍ أو قد تعود إلى عوامل أخرى أو قد تعود لاجتماع أكثر من عاملٍ معاً حسب طبيعة وحجم الصّعوبة التي يعانيها الطّفل ولكن المهمّ في هذا المجال أولاً هو الكشف المبكّر عن هؤلاء الأطفال لأنّ تأخر الكشف عن الصعوبات التّعلميّة قد تضع الطّفل تحت مزيدٍ من التّراجع والتّعقد إن لم تقدّم له الخدمات التّربويّة اللازمة وبصورةٍ مبكرةٍ تمكّنه من التّغلّب على مشكلاته التّعلميّة لذا فإن إجراء الكشف يتطلّب القيام بتقييمٍ تربويٍّ شاملٍ لتحديد مواطن قوّة الطّالب للعمل على تعزيزها والإفادة منها وتحديد مواطن احتياجاته للعمل على حلّها والتّغلّب عليها والعمل على تقييم فاعليّة البرامج التّربويّة المطروحة لهم بصورةٍ دوريّةٍ لإجراء التعديلات اللازمة عند الحاجة إليها. 

يتبع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق